بقليل من الصخب
إلى النافرين مثل رمح إلى مروضي الجرح بالملح تاج من وهج يلحّ وقارورة لجوهر السؤال بين صراخ وبوحوحدي.. الكل معي
أصدر الشاعر عبد الامير محسن مجموعته الشعرية الاولى ( وحدي... الكل معي) والشاعر كان يعاني من عسر في إطلاق مشروعه الفكري كون الساحة الثقافية كانت مزدحمة بكم كبير من الشعر والشعراء ، وكان أمراً ليس بالهين ان يضيف ما يشبه الاخرين دون ان يتميز عنهم ، مما جعله يتأنى ويفكر عشرات المرات بدون ملل وكلل الحرص المطبق علامة من علامات الإبداع ، الطريق شائك ، يسير ذلك المدجج بحكمة المنطق وعبقرية القائد العسكري وهو يقود جيش من الكلمات والجمل المتراصة أوقفت عبد الامير ، ليختار اسما لهذه المعاني ، فكانت ( وحدي... الكل معي) ، ربما كان يريد أن يقول ، الكل معي وانتِ ضدي ، همسات في خريف يلمح بأن الشباب والحب ينبض مهما طال بنا العمر ، عبد الامير محسن ، من مواليد / بغداد ، عام 1963 ،ابتداً نشر قصائده الأولى في ثمانينيات القرن العشرين... ساهم مساهمة فعالة في نشاطات شارع المتنبي الأدبية من خلال إعداد وتقديم الإصبوحات الثقافية في المركز الثقافي البغدادي وما زال مستمرا فيها... (وحدي الكل معي) ،مجموعته الأولى . كان لي معه هذا الحوار الشيق: تحدث عبد الامير ، قائلا : الشعر هواية خلاقة وجدتني اكتب هواجسي، مذ كنت طالبا في الثانوية بكل انواع الكتابة ، لكن بمرور الزمن تبلور في داخلي فقط الشعر... سؤال ، ما هو سبب التأخر ، كانت الثمانينات عالماً متعبا كون الشعر كان في مساحة ضيقة لا يتقبل منه سوى القصائد وشعراء يغازلون نظاماً لا يسمح للرأى الآخر أن يتنفس ... لذا تأخر بعض الشيء ظهور نتاجنا الخاص ... كما انى اكتب بحذر شديد لأعطى لنفسي خصوصية لا تشبه الآخرين، الذين نراهم الأن بأعداد كبيرة ، لكننا لا نرى ما تحس انه الشعر فيهم... لماذا قصيدة النثر؟ أرى الشاعر في قصيدة النثر يعرف ما يريد وحجم ما يريد لا يبحث في قاموس عن كلمات متراصة لخلق إيقاع وموسيقى احتفائية ، تنتهى بمجرد انتهاء إلقاء القصيدة ، الشاعر في قصيدة النثر يخاطب مباشرة العقل والحواس في عالم يتطور والشعر جزء من هذا العالم ، كان لابد من ثورة وانا أرى أن ما قاله (( الجرجاني )) في الشعر ان الشعر ( الشعر هو المعنى ) ، هو بداية هذه الثورة ... لاحظ معي مكامن القوة والخطورة في تلك الثورة لأنها تعنى ان تخلق الشعر خلقاً آخر من النثر بلا قافية او وزن لكنه يؤدي عمله وأكثر في خلق إيقاعات نفسية وتأثيرات حيوية تضاهي في قوتها حجم كل التغيير الحاصل في العالم وتتفوق على التقديم ، وهذا هو التحدى اللذيذ في الأمر ، كما تضمنت مجموعته الشعرية ستين قصيدة نثر كتبت أغلبها بعد التغيير الذي حصل في عام /2003، كون تلك المرحلة أطلقت العنان لقلم كان ينتظر خبر الحرية ... وللأسف كانت تلك الحرية سيئة ما يكفى لأن تصر على الكتابة المنكفئة ، لذلك كان الناقد الكبير بشير حاجم ، اول من قرأ مسودتها واستفاد الشاعر كثيراً من مدرسته النقدية ، وتوجيهاته السديدة ومن بعده ، الناقد الكبير/ علي حسن الفواز ، الذي أطلع على نسختها الأخيرة وابدى اعجابه بأسلوب كتابتها الامر الذي دفعه بحرصه المعروف أن يشرفها بمقدمة رائعة.... لماذا الإسم ؟؟ ؛ وحدي... الكل معي ) ، الإسم ربما يوحى بالغربة ، ولكن الوحدة هنا ليست التوحد المنكفئ على الذات ... الوحدة خلوة نفسية نحتاجها كثيراً لنعرف الزمن والمكان الذي نقف فيهما الان...وبلحظة المعرفة تلك نكون جزءا من الحياة، فـ ( وحدي ) ، واعيا يعني ان الكل معي ؛ وطبعا ان وحدة الشاعر مع نفسه هي نفسها عالمه الذائب بما يحيطه لانه حتما يكتب للآخرين ... ، ماذا اردت ان تقول في هذه المجموعة ؟ انت تعرف ان للشعر اغراضا كبيرة منها ما يوحى بالثورة ومنها ما يحفظ في الريح ، لذلك حاولت ان لا أكتب للريح ، بعض الشعر طاقة لا تعرف وقتا للانفلات ، لكننا نملك العلم لتحويرها وكتابتها كما نريد ، لذا هي رسالة وليست وحياً.....لون الماء
من الديوان: أقولُ كلامًا غريبًا كوجهي وأبحثُ في المفرداتْ عن وُجُودٍ فُتاتْ أُخبِّئُهُ بين جفنيَّ حُلْمًا وتنثرُهُ الريحُ عبْرَ الجهاتْ أقولُ كلامًا لِمَا سوف يأتي فلا حاضِريْ يستحقُّ الكلامَ ولا الذكرياتْ سوف تبعثُ عُمرًا مَوَاتْوكان البيت أخي السابع
ضحكة امرأة. . نباح كلب لأنّ الغابةَ بلا أبواب قبلةٌ مضاءة، بلاد مطفأة تطرق الباب، تفتح لك الذاكرة خطوات إعلان الخطيئة أقنعة غيابٌ واحد الغياب جهتك الأخيرة الثقوب الّتي يسيل منها الحب امرأةٌ من حب، رجلٌ من هزيمة موتٌ مزمن، ضحكةٌ قصيرة خدوشٌ في وجه الحقيبة تسهرُ للهواءِ المهيّل العابرون إلى الغياب عباءة تحت المطر ساقٌ مهشّمة «السعلوّة» لابيت في الليل أستهدي إليه ثقيلاً في المدينة، خفيفاً في الذاكرة كرسيّ شاغرأول الجسد آخر البحر
في توحد بين القصيدة والجسد، يكتب أدونيس الحب. يحتفي به فيما يتقصاه بعيداً. ينفلت من الزمن ويدخل في عناق الطبيعة. يكشف العري إلا ستاراً خفيفاً لا يكسر الحلم الآتي من آخر البحر إلى أول الجسد.أنا موجود... هل من أحد سواي!؟
من قول فلسفي حوّلته إلى عبارة نقدية تتخذ نبيلة زيتوني عنوان كتابها. +++ بحكمة الشذرة وكثافتها، وشعرية القصيدة، تتكوّن نصوصها لتقبض على المعنى بلغة تخلو من التعقيد.وشوشات غزال المسك
الإهداء : غزال المسك شعر... زوبعه... أشباح...!! ألم...! كلنا في الهم شام..!! إرهاب... بحر الشعر في نومتك لونو انخطف صافي النغم..! حلم... في وجهك يسوح النظر!! هلوسه... حيران... الموجه كفرت بالبحروللعصافير أظافر تكتب الشعر
اشتمل الديوان على برقيات شعرية تراوحت ما بين المنشور في بعض الدواوين السابقة، والجديد الذي سبكته الشاعرة برؤية عايشتها وعاصرتها مؤخراً، تنوعت القضايا والموضوعات التي تناولتها ، بما يعكس انشغالها بهموم أحاطت بوطنها وأمّتها وبالإنسان والإنسانية، دون أن تغفل الحديث عن محيطها القريب منها كالابن والبنت والزوج الحبيب والوطن.. والإنسان في كل زمان ومكان.فردوس الحق
تساؤلات كثيرة تؤرجح الإنسان، جاعلةً إياه فكرًا عالقًا في مأزق الوجود، يتنازعه نقيضان : وجود مطلق وعدم مطلق، فتغدو حياته صيرورةً في سبيل البحث عن الحقيقة الكامنة في بواطن الأشياء، أو الظاهرة في تجلّيات هذا الكون . وكمون المعرفة قابع مستكين داخل كلّ إنسان، ينتظر إمكانات ظهوره وتحقّقه، فيمضي بحثًا عن الإجابات التي تقّدمها الأديان ليستكين، وحين لا ترضيه هذه الإجابات، يحاول البحث عن طرق أخرى، أكثر استجابة لما يعتمل في داخله ووجدانه، من دون أن يتعارض كليًّا مع المجتمع الذي يعيش فيه، فيقف حينذاك أمام طريقين، يتوسّطهما الدين : إمّا الجنوح نحو التصوّف، وإمّا الجنوح نحو الفلسفات الماديّة . التصوّف بحدّ ذاته إشكالية كبيرة، فمنهم من يعتبره تشدّدًا دينيًا، أو تطرّفا، ومنهم، على العكس من ذلك، يعتبرونه خروجًا عن الدين .الأعمال الشعرية - الجزء الرابع
من الكتااب: لاَ مَرافِئَ لِهَذَا القِطَارِ، عَرَبَاتٌ بِلا أبْوابٍ وَلا نَوافِذَ. سَفَرٌ فِي تُخُومِ دَمٍ كَثِيرٍ كَأَنَّــهُ مَاءٌ نَــازِلٌ مِــنْ هَبَــاءٍ، رِيحُهُ جَارِفَةٌ، لَم تُبْــقِ وَ لَمْ تَــذَرْ.مرافئ التيهان
من الكتاب: غيْر عابِئٍ بالمُرورِ البطيءِ للسَّحابِ إلى غَياهبِ السَّرابِ السَّحيقِ، أمامَ نَوافِذي المُشرَعَةِ عَلى النِّسْيانِ، كُنْتُ أعلَمُ أَنْ لا مَناصَ مِنْ تَساقُطِ الأيّامِ مِنْ يَدي هَكَذا سُدى، وأنَّ نَجْمَتي التي تقودُنِي إلَى هكذا ضياعٍ لَنْ تَجيءَ رُؤاها أَبدًافي البدء كانت الانثى
وثيقة ولادة
أريد أن أُولد يا أمّي، لكي أصحّح شهادة ميلادي. وها أنا أُولد لتوّي لأني أُولد توّاً. ليس عندي حياةٌ سابقة ولا أعمارٌ سابقة. صرخةٌ كهذه الصرخة تكفي لأُظهِر أن البرهان هو البرهان وأن البرهان لا يكذب. سجِّلوا أني كائنٌ شعريّ، وأني أُولد الآن تحت هذا اليأس الذي يسمّونه طفولة. لستُ روائياً. لستُ أؤرّخ لأن التأريخ خرافة روائية. الوقائع ليست وقائع. الخرافة ليست خرافة. وما يُروى ليس جديراً بأن يُدرَج في رواية. فلكي يروي الراوي، لا بدّ من وقائع تُروى. لكنْ ليس من راوٍ ها هنا، وإن يكن ثمة ما يوهم بالوقائع. لقد وُلدتُ لتوّي، وليس من عمرٍ لي لأن عمري لن يُحسَب بوقت إنما بغريزة الشعر. أنظر من منطقة العدم. أكتب من منطقة العدم. حواسّي هي العدم نفسه. صحيحٌ أني أصرخ، لكن ذلك ليس صراخاً، إنما محض وثيقة. وهي وثيقة ولادة ليس إلاّ. شهادة ميلادي أشهدها الآن، راجياً أن تُدوَّن في سجلاّت الأحوال الشخصية للأدب. للموافقة على صحتها، وترّهاتها، أقول هي نسخة طبق الأصل عن صرخةٍ صَرَخْتُها في الثامنة من صباح السادس من آذار 1952.+++حُرِّر في صباح 6 آذار من عام 1952 ثم أعيدت كتابته في أعوام 2008 – 2009 – 2010.وبين الحروف حروف أخرى
ألم يخبرك أفلاطون عن مدينتي الفاضلة التي منازلها أنت وشوارعها أنت وأشجارها أنت وكل حدودها أنت ..ديوان البيت الواحد في الشعر العربي
هذه محاولة أخرى لبناء سياق مشترك بين ماضي الشعر العربي وحاضره. تنهض هذه المحاولة على قاعدة البيت الواحد. وهو بيتٌ يقوم على الفكرة - الوَمْضة، أو الصورة – اللمحة، أو المعنى – الصّورة. هنا في البيت الواحد، يَصفو الإيجاز، وتتكثَّفُ حكمةُ البداهة وبداهةُ الحكمة. هنا كذلك يُرتجل العميقُ الغامض، وتتعانق الرّويّةُ والشفويّة. هكذا ينفتحُ مجالٌ آخر لامتحان التّجربة، رؤيةً وكشفاً. هي، إذاً، بعد ديوان الشعر العربي بأجزائه الأربعة، محاولة أخرى لبناء سياق إبداعي مشترك في ماضٍ عربيّ تُؤَرْجحهُ النّزعاتُ والمعتقدات، تارةً في اتّجاه ذاكرةٍ مُلتبسة، عدا أنّها موضع صراعٍ وتنازعٍ واقتتالٍ – أحياناً. وتارةً في اتجاه مستقبلٍ لا ذاكرة له، وليس له في الحاضر مستندٌ راسخ.تناص مع الفجيعة
مرحباً أيها الحزن الآسن هذهِ الأسماء التي أرفعها أليكَ الآن هي لآ خر من قاسموني ضحكتي الأخيرة و قبلَ أن أزفَ إليكَ نبأ الوحشة خذ مناديلكَ القاحلة و امنحني دمعة واحدة كي لا أضحكَ عليك.رسائل منسية على هوامش الحب والوطن
يتضمن الكتاب فصلين من الشعر الحديث الأول بعنوان " رسائل منسية على هوامش الحب " والفصل الثاني بعنوان " رسائل منسية على هوامش الوطن " الرحيل ، الانتظار ، الأحلام ، الوداع ، المسافات ، الزمان ، الحب ، الضياع ، الموت ، الفراغ ، الأرق ... بهذه العناوين يجسد الشاعر فصلاً من التراجيدية ، حيث يرسم لوحات سوريالية ، ويبحث عن ذاته الوجودي بين هذا الكم الهائل من المشاعر والأحاسيس فهنا يجسد الشاعر مشهداً للانتظار : كتم ذاته وارتحل والقارب منتظر لربما يعود مع الغسق أو بقي هنا كما ارتحل . بذاكرة عاشق متيم ينبش الشاعر عن الحب فلا تخلو أية قصيدة من الحب ، فالحب عند ه أعظم من القصائد بقوله : ما لكِ ... ؟ ترسمين الجنون على خاصرة النسيان فالحب والجنون شقيقان، توأمان يلعبان معاً على أجنحة الحمام وأنت حبيبتي أما زلتِ تحبين هديل الحمام ..؟ فلكِ قلبي ولكِ الخيار فالحُبُّ أعظمُ من القصائد وأكبرُ من قلب الإنسان وأنا والرسائل ما زلنا على هوامش الحب نبحث عن عنوان . في فصل الثاني حدسُ الشاعر لا يخيبه ببزوغ فجر الأمل والحرية ، ولكنه لم يكن يدري بأن هذه الحرية ستحرق وطناً متعطش للحب والسلام ، شعبٌ ثار لنيل حريته فانعكس موتاً .. خراباً .. دماراً .... بقوله : دمار .. موت .. رحيل .. خوف .. انكسار كيأس السجان عبارات ضبابية على الباب ونافذة تسرق النور وتنحني لأظافرك المغطاة بلون الحرية المعتقة بياسمين دمشق المسافرة نحو السماء . أتقطفني
أخذتُك على محملِ الحبِّ وما تبقَّى لديَّ من جُروح سللتُ خيطَها من كرةٍ شمسيةٍ وجدتُها في شعورِ نافذةٍ عتيقة من سمرتِك من غيابِك من وعدٍ لم تعِدْه منْ ذِكْرَى قاطبةِ الجبينْ كضِحْكَتِي في مغطسِ الحزنِقاب قوسين.. وأدنو
قصب الملح
- من أنا يا كاردل؟ - أنت هو الشخص الوحيد الذي يحاول التخلص منك. هذا الكتاب لا يروح لعالم "الشياطين" بالمرة، لكن قراءة نصوص الكتاب هو أفضل عمل "شيطاني" يمكن أن تقوم به في حياتك. تذكروا ذلك على الدوام.الموت يأخذ مقاساتنا
تتكوّن قصيدة عباس بيضون من تراكمات مجهولة الهوية، وتعكس في ضياع ملامحها الحداثة الشعرية، كما تعكس جلداً شعرياً وقدرة على إخراج القصيدة ناضجة وملتبسة في آن واحد. قصائد، مقالات، قصص قصيرة، قصص مبتورة، وساوس في منتهى الحكمة، واستشعارات دقيقة لأكثر الأمور غياباً ووهناً.صلوات غنوصي سوري
حين أضاعت الحرب طريقها
تمثال مخمور
جهاد هديب شاعِر فلسطيني وصحافيّ يُقِيم في عَمَّان في الأردن، عمل فترة في جريدة «الاتحاد» الإماراتية، في قسمها الثقافي.تنبأ أيها الأعمى
لا يني أدونيس يطرق باب الغيب بالشعر ويرجم الواقع بالكلام. تنبأ أيها الأعمى كتاب أو فاتحة في كتاب، يحاكي الفكر بلغة الشعر، والشعر بالأفكار والرؤى.همس الخطيئة
تنساب فصول العشق على صفحة الماء يدا تخط بمداد الدم تفاصيل النسيان، تُشرع أبواب الغمام خلوة تحلج سريدة هديله السرمدي بصوفية الحالمين. ويراقص الهمس سجى صلصاله الأول بلغة المنقوشين عرقا في تواشيح الرغيف. ذكرى للبوح في حصادات الحرف النازف بجسد المعنى، إذ يمكننا فهم الوعي الكادح لذات مؤنثة الملامح تنحت كينونة الخطيئة على جدار القلب بمفازات الفجائية المجازية،وتنسج بذلك من ظلال الضوء للجنون أنوثته الطهرانية في رحاب سيد الكلام باعتبار أن: " الأنثى الكاملة هي التي تتعاطى الأدب كما تتعاطى خطيئة صغيرة" كما يقول نيتشه، حيث سنجد أن الْمُخْمَلِيَّةَ التصويرية لاستعارات الانزياح الشعري تجعل من آمال هدازي إحدى الشواعر اللواتي شققن شفق المغيب بأحمر شفاه ليضيء جوانيات الروح المفرطة بالتجلي، والتوق إلى براءة التراب المعجون بسيرة الكتابة. سَجَّى الجسد نفسه بنصف حرف نافر من بلاغة لا وزنية، واليد منه انبرت لتكتب بريشة الروح تعاويذها الصوفية، بانية معمار كينونة شفيفة القسمات باعتبار أن الكتابة وجودا والجسد عدما، فبين الانكتاب بوصفه تجليا نسقيا للحياة، والانعدام كصورة لتشظي المادي في الطين، وبكونه الممارسة الفاعلة لهذا التحقق في الفضاء بشقيه المكاني والزمني، إذ يؤكد الشاعر والناقد المغربي صلاح بوسريف هذا الطرح حول الكتابة باعتبارها فعلا يجسد المغايرة، ويبين الفرق بين الوجود كتابة والعدم جسدا ممثلا باليد التي تستشعر الاختلافات الفارقية في كتابه "الكتابي و الشفاهي في الشعر العربي المعاصر": "فاليَدُ التي تكتب، تَسْتَشْعِرُ الكتابَة، كضرورة وُجُودٍ، وتمَارسُ حَيَاتَها، بغير ما يَحيَا به، مَنْ لَمْ يَع الفرْقَ، بين وُجُود بالكتابة، أي بالحياة، ووجود بالجسد، أي بالعدم. " (ص: 73)1، وبالتالي فإن اليد التي تكتب سيرتها على الماء في غلاف الديوان لأصدق تعبيرا عن طبيعة ذات تنكتب انطلاقا من التَّطَهُر المفعول إبان الكتابة الوجدانية لعوالم الداخل، من الوعي الْمُبْدِعِ لذاته أولا، والفاهم لخلفيات رؤيتها العميقة للعالم والأشياء ثانيا، إذ يتبدى ذلك وفق رزنامة معينة من الثنائيات الضدية المتسائلة عن الوجود باعتباره عيشا للواقع عبر فعلي القراءة والكتابة، تأسيس يؤكد حضوره من خلال ورود العنوان بلون أحمر طافح بحيوية الحياة الهامسة في الخطيئة بنبرات عرفانية موغلة في كينونة البياض بالسواد، والحضور هنا كان اسميا في بنيته النحوية، لكنه كان عميقا في نحوته الدلالية، حيث جاءت باقي المشيرات النصية الموازية وجيئة بحسراتها معلنة ذلك من خلال طغيان زمنية الأسود المرهون بقوة المتخيل إلى اللامتناهي في تلك الدَّوْزَنَةِ الموجية لموسيقى الماء، وذوبان ألوان الحياة فيها، والتي ستزداد تجلياتها سريالية عبر الصفحة الرابعة للغلاف الممهورة بالمقطع الشعري المعنون بـ: "معزوفة مطر " المجتزء من منثورة: "ضبابيات"، والذي نجد فيه ضمير المتكلم مسيطرا بشكل حاد مبرزا بذلك نمط الوعي الشقي لكتابة الذات المبدعة، ومزاوجته بين الماضوية والمضارعة في هذا السياق عبر اتصالاته القوية بالفعل للدلالة على أن دوائر الولادة الأولى للآخر الحالم في ذات الشاعرة بوصفه خلاصا تخييليا يبدأ بكتابة صمته الجديدة: "أكتبني أزرعني أرسمني دوائر تنعتق من الفراغ أقطع حبلي السري أسمعني زوايا حالمة على شرفة بيانو يعيد كتابة صمته من جديد.. "السلام عليكِ يا مريم
تعد هذه المجموعة الشعرية اضافة نوعية لتجربة الشاعر الغنية وقد سبق للشاعر ان اصدر قبلها سبع مجموعات شعرية ستا منها عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد مابين العام 1973-1996 والسابعة صدرت عن دار سنابل في القاهرة عام 2008 ، وقد تابع تجربة الشاعر نقاد كثيرون اشاروا الى تميز هذه التجربة وخصوصيتها منهم الناقد د. حسين سرمك حسن في كتابه القيم "شتاء دافي" وهو دراسة اسلوبية تحليلية تناولت تجربته الشعرية التي امتدت لسنوات طويلة وقد صدرت طبعته الاولى عام 2010 عن دار سنابل في القاهرة ، الذي قال عن هذه التجربة : "عبر جهد مضن لاحقت فيه ادق مكونات تجربة الياسري ، وجدت ان المحاور التي اشرت اليها كركائز لقراءة نصوص مجموعة الياسري الاخيرة قد بذر نواها في تربة ابداعه الشعري منذ نصوصه الاولى ، ثم استوت على سوقها عبر عقود الممارسة الخلاقة القائمة على تجربة حياتية مريرة والمسلحة بثقافة شعرية وعامة واسعة ، والمدعمة بنظرة فريدة الى دور الشعر في الحياة والوجود والكون وموقف المبدع من متغيرات مجتمعه العاصفة ، وعذابات الانسان المسحوق فيه لتصبح غابة اشجار متميزة ومستقلة في التجربة الشعرية العراقية والعربية اسمها عيسى حسن الياسري ، عيسى بتمامه ، شاعرا وانسانا .. ويشتغل هذا الكتاب على استكشاف خصائص هذه الغابة ، غابة التجربة الياسرية الشعرية وفق منهج نفسي تحليلي كلي لايشتغل على النص من خارجه كما يوصف عادة ولكن من داخله ، مع رفض كلي لاطروحة عزل المبدع عن نصه او "موته"، او فصله عن مجتمعه ومكونات ثقافته وتحولات الحياة فيه " عيسى حسن الياسري شاعر وروائي عراقي مقيم في كندا، ولد عام 1942 في قرية من قرى ميسان في جنوب العراق.، أكمل دراسته الابتدائية في مدرسة القرية ومدرسة الكميت . أكمل دراسته المتوسطة ودار المعلمين الابتدائية في مدينة العمارة. عمل في التعليم منذ العام 1963.. وعندما انتقل إلى بغداد عام 1972عمل رئيسا للقسم الثقافي في إذاعة صوت الجماهير .. ورئيسا للقسم الأدبي في جريدة العراق .. ومحررا ومن ثم رئيسا للقسم الثقافي في مجلة ألف باء .. وسكرتيرا لتحرير مجلة أسفار التي تعنى بالأدب والفنرفيف الكلام
هشام عودة، هذا الشاعر الفلسطيني الذي سافرت قصائده في كف الوجود، لتتحرك في مدار شجي حيث أغاني الحياة تتسع لتشمل في شعره حضارة الإنسان. في ديوان "رفيف الكلام" تفك المرأة ضفائرها، وتستغل بماء العشق الأسمى ذلك الحبيب الذي يحمل فوق كتفيه سلالا مليئة بالاعترافات. طبعا ليست مثل "اعترافات فتى العصر" لألفريد دي موسيه النثرية، حيث الحب شحاذ يطوف قلعة مليئة بالدموع. بل هو ديوان ينتصر للجال في أسمى معانية، للحب الكبير في روعة مغانية.تحت سماء أندلسية
في حلة جميلة وإخراج باذخ صدر للشاعر المغربي مصطفى قشنني ديوان شعري تحت عنوان « تحت سماء أندلسية » عن دار فضاءات للنشر والتوزيع بالأردن في ما يناهز 194 صفحة من الحجم المتوسط كتبت نصوصه ضمن فضاءات أندلسية وأمريكية متعددة. وللإشارة فإن الشاعر مصطفى قشنني يشتغل في مجال الإعلام وهو عضو باتحاد كتاب المغرب صدرت له العديد من الدواوين الشعرية: « أشجار المرايا » في طبعتين (المغرب)، « تحت سماء لا تشبهني » (المغرب)، « في ذمة الضوء (لبنان)، « أبعد من سماء أحلق » (مصر)، « ما لم يقله الورد » (لندن)، « كالنهر في عزلته » (لندن)، تناولت هاته المجموعات الشعرية العديد من الأطروحات والبحوث الجامعية والأكاديمية داخل وخارج المغرب بالدرس والتحليل والمتابعة. نقرأ على ظهر غلاف « تحت سماء أندلسية » شربنا ملءَ الليل لنغيظَ الصحوَ الغائر فينا عتقنا الكؤوسَ بثلج حُمرة الأفق فتهاوتِ النجوم غير النجوم شظايا منسدلاتٍ حتى مطلع الروح عن جسديناقلائد النار الضالة في مديح القرابين
(قلائدُ النّار الضَّال في مديح القرابين ) هى مجموعة منطوية على ثلاث عشرة قصيدة متنوّعة بالتساوي في كلّ قصيدة، ممزوجة بين العشق، الوطن، السوداويّة، الغَبن، الخيانة إلى حد الاستماتة، الحرب والمجزرة وسفك الدّماء، الأسطورة، وربّما عالم الجن… هذه المجموعةٍ الشعريّة ذات سقفٍ مقبَّب تتدلّى منها صورٌ مؤطّرة قديمة غير واضحة للقارئ العادي، عملٌ خارج عن المألوف المتداول، المحكي، يضعنا أمام إشكالياتٍ معقّدة، ولغةٍ صعبة للقارئ الذي اعتاد لغة «التواصل الاجتماعيّ» بمفهومها الحديث، أصحاب الوجبات السّريعة. نحنُ هنا أمام مفهوم «أوركسترا» إيقاع معزوفة قد تستهج بها، بينما تحتاج إلى ضَليع في اللغة كي يلقنكَ اللغة التي تتحدّث بها النصوص الشّعريّة، نحنُ هنا أمام بركات وسليم، في آنينٍ معاً، أمام «أدونيس» الشّاعر، و«علي إسبر» الغامض، والمختلف، أمام عقدةٍ كلاسيكيّةٍ إن جاز التعبير… أمام مُجازفةٍ في ساحة الشّعر المحكي، البسيط، الذي لا يطلب من القارئ أيّة لغة، سوى مذيعة تلفزيونيّة أنيقة، تلقي على القارئ، صوراً بيانيّة، تشبيهات بليغة، ترافقها عزفٌ حزين…لا يمنة ولا يسرى
أنا الشاعرة التي تلقن المسرح ضوءه من خلف الكواليس أنا كونشرتو انتحار بجعة يصفق لعظمة لحنه كادر أعمى..! دفعت ثمن الدخول وخسرت نفسي قبالة حقي..!! أنا ديوان بنفسجي يطوي قارئه به يجففه زهر حزين أنا الغلاف الذي تشتهيه الأنامل وينتهي بابتلاعها..!!ديوان أبي الشمقمق
كان القرن الثاني الهجري-السابع الميلادي من أزهى عصور الحضارة العربية الإسلامية؛ فقد امتدت فيه حدود الدولة من بلاد السند في الشرق إلى جبال البرانس وجنوبي فرنسا في الغرب، ومن أنقرة وبلاد الروم في الشمال إلى النوبة في الجنوب، وضمت في رحابها كل أجناس الناس على مختلف ألوانهم وأشكالهم ودياناتهم وعقائدهم، وبدأت الشعوب المنضوية تحت لواء الإسلام تتخذ اللغة العربية وسيلة لتعبيرها الأدبي، وعقيدة التوحيد ديانة لها، وبدأت خيرات هذه البلاد تحمل إلى العراق مركز الدولة، حيث العاصمة المزدهرة والمدن الجديدة التي أنشئت كالبصرة والكوفة، وسارت في ركب الحضارة يتسع عمرانها، ويعيش سكانها عيشة الترف والرفاهية، ولم يكن الغناء والموسيقا شيئًا مستحدثًا عند العرب قبل ظهور الإسلامفنطاسيا
يكتب طراد حمادة الحب بتصوّف الشاعر. لغته تحاكي الفلسفة في صوفيتها ومصطلحاتها. وفي قصائده أسئلة وتضمينات تراثية.فانت اليوم لم تأت
إني لأعجبُ إذْ تَرى إنَّ المروجَ سَتثمِرُ وَترى الدخانَ سَيمطرُ وَتظنُّ أنّكَ عارفٌ متَبصرُ وَترى السّماءَ سَتنزلُ الدرَّ الثمينَ الفاخِرا دوماً أراكَ تفاءلُ وَتظنُّ أنَّ الأرضَ أُمّاً تحملُ تحميكَ من برد الشتاءِ مِنَ الغوائلِ كالصغيرِ مُدلّلا ما أن تأنَّ بآهةٍ حتى تراها كالنسيمِ تَسلّلُسمفونية اللهب
وردة الصليب رميْتُ شبكتي شوقَ السماء إلى الأرض اصطدْتُ ذاتي ونجمةً من الأعالي نزلَتْ ذات ليل وحملْتُ جمرنا السرّي صليبًا أطعمْتُه من كتفي ومن دمي العطشان رويْتُ الخشب العتيق ولمّا بلغْتُ قمّة هاويتي جلجلتي وجدْتُ النجمة قد قدحت وردة وانشقّ حجابُ العطر والرياحين ودخلْنا قدس الأقداس حديقة الله السرّية قابضين على صليبنا كجمر بدمنا نُقِشَ عليه : نولد من لَدُن الله نموت في ابن الإنسان وبالروح القدس نُبْعَث من الأحياء والأمواتخيمة الماء
أيها المحارب... فوق أرض الطفولة... والأمهات وطن يكابر... تخلع عني صولجان التمني... وأنا أكلِّلُك بتيجان القلق.. يستفزُّك خوفي... وجوادك متعب... أي شتات يلم ورق الخريف... وأي دمع يغسل غبار العتب...عازف الكلاشنكوف الضرير
يدخل الشاعر علاء زريفة إلى مجموعته متحرراً من أي تأثيم أو مسؤولية متكئاً على عنوانٍ حاسمٍ مفاده : سأطلق النار على الجميع، وقد فعل هذا طيلة صفحات الديوان حرفاً بحرف، أطلق نار الشعر المقدسة في كل الاتجاهات ليحررها من صمتها، تلك النار التي تقتل وتحيي معاً . إن هذا الديوان ما هو إلا سيرة شعرية لـ«عازف الكلاشينكوف الضرير»، فما أقسى أن تكون شاعراً وعالقاً بحربٍ مبهمة، حرب عصية على التفسير، حاول علاء شرحها ومقاربتها وتحليلها طيلة نصوص الكتاب المشتعلة بالوجع والبارود والموت المرتقب في كل لحظة والحياة ببهجاتها التي تعطلت بسبب هذه الحرب .هذه الأبجدية أمي
ليس هذا أنا ولا ذا التياعي نصفَ قرنٍ يسيءُ فهمي يَراعي لم تَقُلني كما أرومُ القوافي والعباراتُ جدَّفتْ دون قاعي حلّقتْ أحرفي خفيضاً بهجسي أين منها شوامخي وارتفاعي؟! خذلتْني قصائدي يا جراحي واستحالَ البيانُ يا أوجاعي ساءَ دهري أَنِّي أرومُ لذَاتي ما على الدَّهرِ ليسَ بالمُستطاعِ!تاريخ يتمزق في جسد إمرأة
في أقاليم الجسد المؤنث، يدخل أدونيس عميقاً. صوته في القصائد إنساني صاف. قلق شعري يستحضر التاريخ. يتحد بالكائنات وينطق باسم الأنثى وحريتها. بصفاء الحدس وإشارات المعنى يجتمع في قصائده فكر وشعرية لا تنضب.الرياح بعثرت كل كلماتي
المترجم الأردني خيري حمدان يقدم في كتابه ترجمات من آداب أوروبا الشرقية ممثلة في الشعر البلغاري الحديث منذ التسعينيات وحتى الآن. يقول المترجم في مقدمة الكتاب "يصب هذا العمل في الجهود المبذولة للتعرّف على الآداب الأوروبية وبخاصّة أدب أوروبا الشرقية متجلّية في النموذج البلغاري. ركّزتُ في اختيار الشعراء على تقديم ممثلين عن الأدب الحديث الذي واكب المرحلة الانتقالية بعد بداية تسعينيات القرن الماضي، حيث انفتحت البلاد على العالم الخارجي وتأثّرت إلى حدّ بعيد بالآداب الغربية والأميركية والشرقية أيضًا. ويضيف "كما قدّمت مجموعة من الشعراء الذين واكبوا المرحلة الاشتراكية، واستفادوا من الفرص التي كانت متاحة لتمييز النخبة عن باقي فئات الشعب، لكنّ الكثير منهم عانوا كذلك من تبعات الحكم الشمولي حتى الانقلاب الأبيض الذي عاشته بلغاريا عام 1989". ويتابع "لكن ورغم التباين في القيم والمعايير السياسية ما بين المرحلتين، إلا أنّ هناك عوامل وطنية وقومية أبقت على حضورها في سياق القصائد المترجمة بين دفتيّ الكتاب، ومع أنّ تعداد الشعب البلغاري لا يتجاوز سبعة ملايين مواطن، إلا أنّ الحركة الأدبية والشعرية نشطة وواعدة على الصعيد الوطني والعالمي، وتمكّن العديد من الشعراء المعاصرين من الحصول على جوائز عالمية في مجال الشعر والأدب". وعن الترجمة يؤكد حمدان "لا شكّ أنّ ترجمة الشعر صعبة وشائكة وتحتاج لأدوات لغوية خاصّة لتطويع الفكرة ومجاراة التراكيب اللغوية، واستمرّ عملي على ترجمة هذه المجموعة قرابة ثلاث سنوات".تِرياقُ الحياة
منذ اللحظة الأولى التي نطقت فيها أفواهنا بالقسم الطبّي المقدّس وضعنا على عاتقنا إحياء النفس البشرية وصونها من كلّ مكروه. ومنذ أن اعتلى أكتافنا ذلك المعطف الأبيض الطاهر.. ذات الطهر وذات البياض قد تغلغل إلى أعماق ذواتنا لينفث فيها روح الرسالة وقداسة المهنة.. أكتب هذه الحروف.. لتصل إلى المرضى النائمين وسط الأسرّة البيضاء في أروقة المستشفيات الباردة.. الباحثين في وجه الطبيب عن حقنة دفء.. وترياق أمل..خيمة الرب - رثاء الآباء - نصوص من العالم
في صيف 1990، حربٌ تصهل خيولها في المنطقة وفجائعٌ على الأبواب، عامٌ من الغبار والنظر في مرآةٍ وجودية عميقة لأمةٍ مشت وتحرّكت في الشعر لكنها شربت وأكلت مع الحروب. في الرقّة شرقي سوريا، مررنا على رجلٍ بالصدفة، نطلب ماءً، كان يبكي وحيداً بعيداً عن البيوتات الطينية القريبة. رجلٌ خمسينيٌ بطول سروةٍ وهيبة فارس، كان يبكي بحرقةٍ ودمعٍ بلّل ثوبه العربي المطرّز في هذه القائظة فزاده تطريزا.. نزلت من سيارتي بكل عنفوان شابٍ عشريني، قلت له هل تحتاج شيئاً، هل نقدم لك مساعدةً ما؟ فقال لي وكأنه يهمس لي وحدي: مات أبي وانهدّ سقف الدار، ثم قال بصوت لا أنساه: أنا لابجي.. وأبجّي الهور وفراه على شحّ النهر من بعد وفراه مضى من عطى العتّاب وفراه وصار بحر العتابا تراب بتراب وقع بيت العتابا هذا على رأسي تماماً كهراوةٍ ثقيلةٍ فأقعدني قرب الرجل لا حول لي ولا قوة، حفظته جرعةً واحدةً بزحافاته وعلله وغموضه وكشفه، عانقت الرجل المكلوم الذي بكى بين يدي غريبٍ حشمةً من القريب. نحن الرجال نفهم هذا. حفظت هذا البيت كضربة سيف وظللت أردده حتى مشيب رأسي وفقد والدي الذي فسرّ البيت من جديد بضربة سيفٍ واحدة أيضاً. فسّر لي كل هذا البكاء الذي يفطر الحجر رغم أنني أتحضرّ للموقف مذ تلك المشهدية التي نغّصت ألوان الحياة لشابٍ في مقتبل الحياة، انتبه؛ صدفةً أيضاً، أن الموت لا بدّ أن يأتي للأقارب والأباعد، وأن موت الأب -كما رأينا- ريحٌ صرصرٌ تشلع الخيام وتكشف عورات الرجال فتعيدهم أطفالا..قصائد من الموصل
ومن قِصَصِ المَوْصِلِ، أنّي أعرِفُ حمّالاً ظلَّ يدفعُ عربتَهُ سنواتٍ، ويقولُ : عسى أن تُفرَجَ، واليومَ وضعُوا جثّتَهُ في عربتِهِ ودحرجوها إلى المقبرةِما لم يفهمه شهريار
شاعرة موهوبة، وشعر رصين أخّاذ، يدخل القلوب بلا استئذان، وعاطفة صادقة جيّاشة، وحِسٌّ مرهف، ومقدُرة فائقة على الإبداع، تتلاعب بالألباب كما تتلاعب بالكلمات، فتجعل منها سحرا حلالا، بل السّحر الحلال . هذه ميزة الشّاعرة «سامية عليوي»، وهذه ميزة ديوانها، قرأته بلذّة وإعجاب، فدُهِشتُ لوجود شاعرة مثلها في جامعتنا وفي وطننا، وشُدِهتُ عن التّحقيق لأنّ «سامية» نقلتني إلى عوالم سامية لم أعهدها منذ زمن طويل .هاجر قبل الاحتلال، هاجر بعد الاحتلال
يحتوي الكتاب إحدى وستون قصيدة عن عراق ما قبل الاحتلال وما بعده، أشبه بشهادة شعرية على واقع العراق الصعب، هياماً به وولاءً لأصدقائها.قطرات المطر في جنون عاشقة
امرأة لكل الرجال
حينما لا أجدك أضع كرسيين وطاولة وفنجانين من الذكريات! * * تطعمين الإوز كل صباح .. وتنسينني وأنا أتضور شوقا إلى رؤياك! * تسقين الزهور كل صباح هلا أسقيتِ ناسكاً محصوراً في معبدك! * كم من الوقت تحتاجين لتنكزينِي من صدمة الفراق فأعود أجري كحصان فرِح!على ضوء القدر
أضحك بلا مبرر لم أنتبه ... أكل الوقت ليلي وصادرَ شروقُ الشّمس معابرَ الصّبح في بلاد الأندلس بتُّ خفيفةً أكثر ممّا ينبغي لأضمَّ الحياة إلى صدري ... سألتقي ذاتي بعفويّةِ هذا الصّباح ... فالصّبح يبتسم بهدوءٍ، هنا، والشّوارعُ تفتح أذرعَها لعناقٍ جميل فلا بأسَ إنْ ضحكتُ بلا مبرّر . برشلونة 2019زئير في جزيرة العرب
«زئيرٌ في جزيرة العرب» ديوان شعري أتحفنا به أخيراً معالي الدكتور عبد الله بلحيف النعيمي، وزير تطوير البنية التحتية، يدور في محاور عدة من أهمها المحور الوطني، حيث يتغنى الشاعر بوطنه، وطن الخير الإمارات، حيث يرفرف علمه شامخاً تحت سمائها. وتضمن الديوان الشعري 80 قصيدة، تتغنى بالوطن، والعزة، والقيادة، وتفتح الباب على الإنساني والوجداني، ونسخ خلالها الشاعر بلغة بليغة على إيقاع الوزن والقافية، أبياتاً شعرية، تستذكر فضائل قادة الدولة الحكماء، وتؤكد النهج الذي اختارته الإمارات ، في تعزيز قيم الخير، والعطاء، والمحبة، إذ يقدم عدداً من القصائد التي تروي حكايات مجد الدولة، ودورها المؤثر في المستوى الخليجي والعربي. واستهل الشاعر الندوة الحوارية التي شهدت حضوراً كبيراً من المهتمين بالأدب والشعر، والتي نظمت على هامش إطلاق الديوان الشعري، وحاوره فيها الكاتب والباحث سعيد حمدان، حديثه عن مكنون عنوان الديوان المستوحى من قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «رعاه الله» التي تحمل عنوان «أسود الجزيرة». وتطرق الشاعر في حديثه خلال الندوة إلى دور الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في بناء وطن وشعب شغوف بحب الوطن والخير والعطاء والبناء.كتابة الخراب
كان الشعر دائما صنو وقرين المنفى، وكأن سان جون بيرس بتسميته لإحدى قصائده "منفى" كان يسمي في الآن ذاته الشرط الشعري. يقيم الشاعر في المنفى، منفي عن المدينة، منفي عن الانشغالات المقننة، وعن القواعد المحدودة. معرض للخطر من طرف قصيدته، حين ينصاع لها ليحرم من نفسه، وليقبل أن يرمى به في الخارج بعيدا عن كل الإمكانيات والأشكال الممكنة. القصيدة منفى والشاعر الذي ينتمي إليها ينتمي إلى النقصان وعدم الإشباع الذي يسم المنفى، فهو دائما خارج ذاته، خارج وطنه، ينتمي للخارج، وللغريب، ولما يفتقد الحميمية والحدود. هذا المنفى الذي هو القصيدة يجعل من الشاعر المقصي، والمبعد، المحروم من المقام المضمون والحقيقي. ينتمي للايقين حين يطوح بكل ما يمكنه أن يمنحه الأمان والرضى.