قبل تسجيل عنوان أطروحتي للدكتوراه، كنت أتابع من كثب المتغيرات الجمالية في القصة القصيرة، سواء أكانت عربية أم عراقية، وقد سحرني كثير من كتابها، على سبيل المثال لا الحصر محمود جنداري، ومحمد خضير، وجليل القيسي، ومحمد مستجاب، وعبد الحكيم قاسم وزكريا تامر، وأدوار الخراط والقائمة تطول لو تابعنا الأسماء بأسلوب دقيق، وعند تسجيل الأطروحة اقترحت على أستاذي الدكتور إبراهيم جنداري دراسة المتغيرات الجمالية في القصة القصيرة، بعد أن يذيّل عنوان الأطروحة بـ ( المشهد القصصي في الموصل نموذجاً ) وبعد تمحيص ومراجعات ونقاشات معه، ومع الأستاذ الدكتور فيصل غازي النعيمي استقر الرأي على ( جماليات التجريب في قصص محمود جنداري القصيرة ) ودارت المناقشة وطُبِعَت الأطروحة في كتاب، وصدر في طبعتين، ولكن المتغيرات الجمالية التي تشمل المشهد القصصي في الموصل عالقة في مخيلتي، يستفزّها أي عمل قصصي يسعى إلى الاختلاف والتجاوز، وإذا كان كتابي ( جماليات التجريب ) قد اقتصر على قص محمود جنداري، فإن هذا الكتاب يسعى إلى الإجابة عن التساؤلات التي تتعلق بمغامرة تحولات القص - القصير تحديداً - وكشف شعريته، ووحدات اشتغاله، وآليات قراءته، وتأثيره الجمالي في نماذج مختارة من المشهد القصصي في الموصل، وقد ركّز التبرير الاختياري للنماذج على تجسيد التحولات بانحرافات حادة، بعيداً عن التوجهات المألوفة في كتابة القصة القصيرة، على الرغم من عدم التفريط بطبيعة النوع الأدبي الذي تنتمي إليه .