الحقيقة مرة كما قال أجدادنا في الأمثال، وهذه ربما أصدق حقيقة قيلت عن الحقيقة، فإن أكثر ما يدفع للجنون هو الوصول إلى اليقين، فبمجرد ملامسة الحقيقة يندلع جنون مثير للشفقة لأن الحقيقة في العادة هي خلاف ما اعتقدناه سواء لآلاف السنين كمجتمعات أو عشرات السنين كأفراد . لكن الحقيقة تظهر غالبا وتتجلى كقرص الشمس ويبقى على عاتقنا الإقرار بها أو تجاهلها . فإن كان ثمن الإقرار هو الجنون فإن التجاهل له ثمنه أيضا، فنحن جميعًا مسؤولون عن معظم الجرائم التي ارتكبت مؤخرا في حياتنا من قمع وقهر وظلم وإرهاب وتخلف وانحطاط، وليس من سبب خلف ذلك إلا جبننا أمام الحقيقة، عدم الصدق الغريزي المعشش في دواخلنا، هذا العجز والضعف الذي ولد لدينا خيالاً ووهمًا اسمه المثالية .